عدي بن زيد العبادي في معيار النقد العربي القديم

دراسة في نقد النقد

الملخص

كان ولا يزال الشعر العربي ولاسيما القديم منه ميدانا رحبا يتسع لكل ما يمكن أن يجول في فكر الدارس او الباحث عن مضامينه الفنية والموضوعية، نظراً للتساؤلات والاستنتاجات التي يمكن أن تثيرها القراءات المتعددة  لتلك المضامين مفصحة عن مكنونات الابداع التي خلدت خطابات معظم شعراء تلك الحقبة الزمنية من عمر الشعر العربي. وقد لا نجانب الصواب إذا قلنا ان الاختلاف بشأن شاعر بعينه لدى النقاد ما هو في حقيقته إلا صدى للثيمات الابداعية التي يمكن أن يتضمنها خطاب هذا الشاعر أو ذاك، الأمر الذي يوضحه نوع الاتجاه الذي حاول أن يفسر من خلاله اولئك النقاد والباحثون مكامن الابداع التي اختص بها نص شاعر دون آخر. وهو ما يمكن أن يصدق على الخطابات الشعرية للشاعر "عدي بن زيد العبادي" التي كانت مدار جدل واختلاف بين النقاد، فكانوا بين مؤيد ومؤاخذ وهو اختلاف يوضحه تباين زوايا النظر التي رصد من خلالها اولئك النقاد خطابات هذا الشاعر فضلا عن تنوع مرجعياتهم الثقافية.

ولم تخلو الدراسات الحديثة ولاسيما الاكاديمية منها من محاولة لجمع الآراء النقدية التي قيلت بشأن شعر "عدي بن زيد" من قبل النقاد القدماء، اذ اتخذت دراساتهم اتجاهات نقدية بعينها منها على سبيل المثال لا الحصر: الاتجاه اللغوي، والاتجاه الفني، والاتجاه الموسيقي مستندين في ذلك الى ما توافر لديهم من آراء مبثوثة بين ثنايا المظان الأدبية والنقدية واللغوية. وقد حاولنا من خلال هذا البحث استقراء معظم الجهود النقدية القديمة والحديثة التي صبت في اطار رصد الآراء التي اثيرت بشأن شعر عدي بن زيد العبادي في قراءة ثانية، محاولين اثبات ما نريد اثباته فيها، او نفي ما نريد منها سبيلنا لذلك التحليل والتعليل ازاء ما صرح به دارسو شعره، فكان له ما له وعليه ما عليه، وقد حاولنا الرد على من تعصب ضد شعره جملة وتفصيلا متجاهلا، او متناسيا ما تضمنه هذا الشعر من صنوف الابداع في ميدان التصوير والتجسيد، إذ ابدع الشاعر في مواضع عدة، مستعينا لذلك بما اوتي من ثقافة ودراية بالأساليب البلاغية المشفوعة بالإحساس الفني العالي الذي قد يخرج به في بعض الاحيان الى الغرائبية -إن جاز لنا التعبير- وهو ما كان مثار جدل بين النقاد قديما وحديثا.